يحقق الدعاء اهدافه اذا تأملنا مفاهيمه الرائعة فيكون عونا لنا للوصول الى مرضاة الله سبحانه وتعالى من خلال التفاعل الروحي مع مضامينه وتجسيد ذلك على الواقع العملي.
لنتأمل في دعاء الصباح الذي يلقيه على مسامعنا الحاج ابي ذر الحلواجي... بالفيديو المرفق... ونتابعه مكتوبا...
اللّهمّ يَامَن دَلَعَ لِسانَ الصباح بنطق تبلّجه، وسرّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه، وأتقن صُنع الفَلك الدوّار في مقادير تبرّجه، وشعشَع ضياء الشمس بنور تأجّجه.
يامن دلّ على ذاته بذاته وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته.
يا من قرب من خواطر الظّنون، وبَعُد عن ملاحظة العيون، وعَلِمَ بما كان قبل أن يكون.
يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه، وكفّ أكفّ السوء عنّي بيده وسلطانه. صلّ اللّهمّ على الدليل إليك في الليل الأليل، والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل، والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأول وعلى آله الطيبين الأخيار، المصطفَين الأبرار، وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح، وألبسنا اللّهمّ من أفضل خلع الهداية والصلاح، واغرس اللّهمّ لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع، وأجر اللّهمّ لهيبتك من أماقي زفرات الدموع وأدِّب اللّهمّ نزق الخرق منّي بأزمّة القنوع.
إلهي! إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق، وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمُنى، فمن المقيل عثراتي من كبوة الهوى، وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان.
إلهي! أتراني ما أتيتك إلاّ من حيثُ الآمال، أم علقتُ بأطراف حبالك إلاّ حين باعدتني ذنوبي عن دار الوصال، فبئس المطيّة التي امتطأت نفسي من هواها، فواهاً لها لما سوّلت لها ظنونها ومناها، وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها. إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئاً من فرط أهوائي، وعلّقت بأطراف حبالك أنامل ولائي، فاصفح اللّهمّ عمّا كان أجرمته من زللي وخطئي.
وأقلني اللّهمّ من صرعة ردائي، وعسرة بلائي، فإنّك سيّدي ومولاي ومعتمدي ورجائي، وأنت غاية مطلوبي ومناي، في منقلبي ومثواي.
إلهي! كيف تطرد مسكيناً التجأ إليك من الذنوب هارباً أم كيف تُخيّب مسترشداً، قصد إلى جنابك ساعياً، أم كيف تردّ ظمآن ورد إلى حياضك شارباً، كلاّ وحياضك مترعة في ضنك المحول وبابك مفتوح للطلب والوغول، وأنت غاية السؤُلِ، ونهاية المأمول.
إلهي! هذه أزمّةُ نفسي قد عقلتها بعقال مشيئتك، وهذه أعباء ذنوبي درأتها برحمتك ورأفتك وهذه أهوائي المضلّة وكّلتها إلى جناب لطفك
فاجعل اللّهمّ صباحي هذا، نازلا عليَّ بضياء الهدى، والسلامة في الدّين والدّنيا، ومسائي جُنّة من كيد العدى، ووقاية من مرديات الهوى، إنّك قادر على ما تشاء ، تؤتي المُلك من تشاء، وتنزع المُلك ممّن تشاءُ، وتُعزُّ من تشاءُ، وتُذلُّ من تشاءُ بيدك الخير، إنّك على كلّ شيء قدير
تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل وتُخرج الحيَّ من الميت، وتخرج الميت من الحيِّ، وترزق من تشاء بغير حساب
لا إله إلاّ أنت سبحانك اللّهمّ وبحمدك، جلّ ثناؤك من ذا يعرف قدرتك فلا يخافك، ومن ذا يعلم ما أنت فلا يهابك، ألّفت بقدرتك الفِرَق، وفلقت برحمتك الفَلق، وأنّرت بكرمك دياجي الغسق، وأنهرت المياه من الصمّ الصياخيد عذباً واُجاجاً، وأنزلت من المعصرات ماءً ثجاجا، وجعلت الشمس والقمر للبريّة سراجاً وهّاجاً، من غير أن تمارس فيما ابتدأت به لغوباً ولا علاجاً. فيامن توحّد بالعزّ والبقاء! وقهر عباده بالموت والفناء، صلّ على محمّد وآله الأتقياء، واستمع ندائي، وأهلِك أعدائي، واستجب دُعائي، وحقّق بفضلك أملي ورجائي. يا خير من دُعي لكشف الضّرُّ والمأمول لكلّ عسر ويسر، بك أنزلت حاجتي فلا تردّني يا سيّدي! من سنّي مواهبك خائباً يا كريم يا كريم يا كريم! برحمتك يا أرحم الرّاحمين. وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا خير خلقه محمّد وآله الطّاهرين أجمعين.
ثم تسجد وتقول إلهي! قلبي محجوب، ونفسي معيوب، وعقلي مغلوب، وهوائي غالب، وطاعتي قليل، ومعصيتي كثير، ولساني مقرّ بالذنوب، فكيف حيلتي يا علاّم الغيوب! يا غفّار الذنوب! يا ستّار العيوب! اغفر لي ذنوبي كلّها، يا غفّار يا غفّار يا غفّار! يا شديد العقاب يا غفور يا رحيم! يا حليم يا كريم! اقض حاجاتي بحقّ القرآن العظيم، والنبيّ الكريم وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين، الطيّبين الطاهرين.